الأحد، أبريل 11، 2010

9- إنتي جايه تشتغلي أيه ....


لكم أضحكتني العظيمة ماري منيب وهي تتباري مع القدير عادي خيري في إستكشاف سبب قدومه لقصرها بهيئته المتواضعة التي تدل علي أنه ليس من البكوات أو الباشوات أصدقائهم وأنه فرد عادي من أفراد الشعب وقد أتي ليبحث عن عمل وتظل تسأله لمدة ربع ساعة ولأكثر من ثماني مرات:

إنتي جايه تشتغلي أيه ؟

ولأن المبدع عادل خيري كان يريد العمل في القصر لحاجة في نفسه فقد قبل أن تظل تسأله وفي كل مرة يجيبها مرة بإجابة مباشرة وهو يقول لها سواق ياست هانم ومرة أخري يمثل لها ماذا سيفعل ويأتي بالدكة ويجلس علي طرفها وكأنها سيارة ثم يبدأ في تمثيل أنه يقود هذه السيارة بل ويضرب البوري أيضا وهو يقول ( أعو ووا أعو ووا) لعلها تفهم بالإشارة إن لم تفهم بالكلام وتتوقف عن سؤاله : إنتي جايه تشتغلي أيه؟

بل وإمعانا في النكاية الكوميدية، تبدأ المستخدمة في وصفه بأنه حماره لأنه لايفهم ماتقوله ومرة أخري بأنه بغله لإنه يصر علي مناداتها مدام وهي لازالت مودموازيل في الستين من عمرها ولازال صديقنا طالب الوظيفة يقبل ويتنازل حتي ينتهي به المطاف بأن يتغير أسمه ليصبح عبده لإن كل السائقين الذين يعملون عندها لازم يكون إسمهم عبده ... ويقبل المسكين أن يصير حماره وبغله ثم ليصبح في النهاية ...... عبده

يبدو أن أكل العيش كان مرا في هذا الزمان وأن الواحد منا كان لابد له من أن يقدم البعض من التنازلات من أجل أن يستطيع الإلتحاق بوظيفة ثم البعض الأخر من أجل الحفاظ عليها.

عند عودتي من رحلة العمل بالسعودية والتي إستمرت لسنين وقد قررت أن أبدأ في إنشاء شركتي الخاصة في مجال عملي في مصر وذلك حتي أستطيع أن أعيد ترتيب حياتي من جديد وأن أتجمع مع عائلتي التي إفتقدتها كثيرا في سنوات الغربة. المهم أنني قررت أن أبدأ نشاطي في المجال الذي أفهمه وهو إدارة المشروعات بالرغم من تحذيرات كل الأصدقاء والأهل من هذا القرار الذي لن أعرف عاقبته إلا بعد تجربته والإنكواء بنار المصريين.

ولأنني من المؤمنين بمصر وبشعب مصر فقد قررت خوض المغامرة بغض النظر عن الصعاب التي ستقابلني وإن كنت لم أستطيع أن أخفي نظرات وعلامات وإشارات ودلالات وكلمات بل وأصوات التعجب وعدم التوقع والإستغراب بل والذهول لما أصابنا من تغيير جذري في سلوكياتنا وقناعاتنا وبالتبعية تصرفاتنا التي لاتنم أبدا عن حالنا وإن كانت تعكس بكل تأكيد ثقافتنا وقناعتنا الجديدة .

عندما بدأت في تأسيس شركتي إشترطت علي مراقب الحسابات أن يتم مراجعة حساباتي بمنتهي الدقة وبدون أي تلاعب حيث أنني لاأنوي علي الإطلاق التلاعب في دفاتر الضرائب ليس كنوع من الإستجابة لحملات مصلحة الضرائب والتي كانت تؤكد في اليوم أكثر من ثلاثين مرة في الإذاعة والتليفزيون أن الضرائب مصلحتك أولا ولاأدري إلي الان ماهي مصلحتي في الضرائب لإنني لاأعلم علي الإطلاق مصادر صرف أموال الضرائب وإن كنت أعلم علي الأقل - بنسبة واحد إلي حوالي أربعة ملايين – إحدي مصادر دخل مصلحة الضرائب ( وهو قيمة ماأدفعه أنا بالقطع)

المهم أن قراري كان علي قناعة شديدة جدا مني أنني سأدفع الضرائب المستحقه عن نشاطي كنتيجة مباشرة لقناعتي أنني بقبولي بمحض إرادتي أن أعود لأعمل في بلدي مصر مع علمي بكل ماسيقابلني من قوانين وروتين وأحكام وأشتراطات ورسوم جمارك وضرائب ... إلي ماغير ذلك من مصروفات معلنة أو غير معلنة فإنني قد قمت بتوقيع عقد مع الحكومة المصرية تسمح لي بمقتضاه أن أعمل في مصر نظير كل ماسبق ذكره .

ولأنني أعلم كل هذه التفاصيل فإنني بقبولي العمل في مصر فإن هذا يعني موافقتي وإلتزامي بكل هذه الإشتراطات سواء كانت منصفة لي أو غير منصفة وسواء علمت مصادر صرف الضرائب أم لم أعلم وسواء تطوع أحد الأشخاص وأفتي بحرمانية الضرائب أو أفتي غيره بأنها حلال. فطالما قبلت فإن هذا هو توقيع مني علي عقد مع الحكومة المصرية للسماح لي بالعمل علي أن تطبق الشروط والأحكام. وأعلم تمام العلم مايدور بخلدكم الآن وأنتم تتسائلون وهل الحكومة المصرية هي صاحبة البلد وهل أصبحنا ضيوفا ليسمح لنا بالبقاء أو الإنصراف ، بالعمل أو بالإستغناء.

وحيث أن الإجابة علي هذا السؤال تعتبر شائكة وستدخل بنا في مجال بحثي فلسفي قد يخرجنا عن موضوعنا الأساسي ، لذا فإنني لن أبحث هذا الأمر الآن وسأكتفي بالقول أن الحكومة المعينة أصبحت بحكم منصبها هي المسئولة عن وضع القوانين وتنفيذها ولهذا كان لابد لنا من العمل وفق هذه القوانين بغض النظر عن مستوي قبولنا لها وإلا كان لزاما علينا العمل أولا عن تغيير القوانين قبل البحث عن تطبيقها لأن تطبيقها القوانين هو فرض مجتمعي ومن يخالفه يصبح في نظر المجتمع والحكومة التي تدير شئون هذا المجتمع خارجا عن القانون ولن يقبل أبدا دفاعه الذي يبني علي أنه غير موافق علي القانون لذا قرر أن لايطبقه.

عموما ، فقد قررت الإلتزام بالرغم من نصيحة كل العالمين ببواطن وظواهر الأمور بأنني يجب أن لا أتسرع وأن أعطي لنفسي فرصة لدراسة الموقف في نهاية السنة المالية ثم تأتي مرحلة القرار بناء علي ماسنصل إليه من نتيجة وأرباح إن شاء الله. ولكنني رفضت بل وأصريت علي أن يتم وضع نظام مالي لايمكنني من التلاعب في دفاتر الحسابات في نهاية العام وكان ماكان وأرجو أن لايسألني أحد إن كنت ندمت علي قراري ... أم لا؟

وبدأت بعد ذلك رحلة البحث عن موظفين من حديثي التخرج وذلك لإن نشاط الشركة يعتمد في معظمه علي طاقة وحيوية الشباب ولايحتاج في نواحي كثيره منه إلي خبرات قديمة كما أن طريقة العمل التي سننتهجها تختلف فنيا وإداريا عن المطبق في السوق وأن الخبرات القائمة قد تصبح عائقا لتطبيق نظام العمل الذي أرغب في تطبيقه إذا ما أحتكم الموظف إلي خبرته الشخصية والتي أكتسبها من عمله السابق. لهذا قررت البحث عن حديثي التخرج علي أن أقوم بتدريبهم وإكسابهم الخبرات والمهارات اللازمة في عملنا من خلال دورات تدريبية ستقوم الشركة بتنظيمها بالـإتفاق مع إحدي مراكز التدريب والتي ستتولي وضع البرامج التدريبية الفنية والشخصية لموظفي الشركة وأن ألتزم تعاقديا بقيمة محددة سنويا كبدلات تدريب لكل موظف وذلك لضمان الوصول بالمستوي الفني للموظفين إلي الدرجة التي تخدم تطلعات الشركة في توفير أعلي مستوي خدمة ممكن لعملائها.

فالغرض الأساسي بطبيعة الحال هو خدمة الخطة الإستراتيجية للشركة والتي يلزم معها تطوير أداء الموظفين ومهاراتهم الفنية والشخصية للوصول إلي أعلي معدلات أداء ممكنة تتناسب مع مثيلاتها العالمية. وهو غرض نبيل طالما سيحقق فائدة غير مباشرة طويلة المدي للشركة وفي سبيل ذلك سيحقق أيضا فائدة مباشرة لكل العاملين بالشركة.

أسف علي الإطالة في شرح هذه النقطة ولكن عند هذه النقطة بالتحديد يكمن مربط الفرس. بدأت في الإتصال بالأصدقاء والمعارف أولا حتي أستطيع الوصول إلي خط إتصال مع إحدي الجامعات المصرية الشهيرة لتوفير البيانات الشخصية للمتخرجين حديثا من كلية الهندسة – منذ شهر واحد فقط – وقد تمكنت بتوفيق الله سبحانه وتعالي من الوصول إلي ماأريد بحيث تمكنت من مقابلة مايزيد عن مائة مهندس ومهندسة كلهم من خريجي شهر واحد مضي.

قابلت المهندسين والمهندسات وقمت بعرض فكرة موجزه عن الشركة وخطتها في العمل والتوظيف والتدريب – كما أوضحت سابقا – وكنت أختم عرضي هذا في كل مقابلة بسؤال واحد ... ماهو الراتب الذي تتوقع الحصول عليه معنا؟

ولكم كانت دهشتي عندما وجدت الإجابة تقريبا متطابقة بين مايزيد عن 95% من إجابات المتقدمين والذين أكدوا جميعا أن زملائهم الذين عملوا الآن يتقاضون مرتب أساسي في حدود ألف وخمسمائة جنيه مصري. وحيث أنني لم أكن علي دراية تامه بسوق العمل في مصر فإنني لم أكن أدخل معهم في جدال حول الراتب وخاصة أن إجمالي الراتب الذي كنت أنوي عرضه عليهم يتضمن راتب أساسي في هذه الحدود.

عموما ، قمت بعد ذلك بعرض مهام عملهم وإعطائهم فكرة عن إفراد الراتب الذي حددناه لهم وهو ماتضمن بدون أي نقاش نفس المبلغ الذي طلبه أكثرهم ويزيد عليه أنني سأدفع عنهم الضرائب المستحقة للدولة والتأمينات الإجتماعية بالإضافة إلي برنامج التدريب الذي كنت قررته من قبل والذي سيكلف الشركة مبلغ في حدود عشرة ألاف جنيه سنويا لكل موظف علي أن يتم تحميل هذه القيمة ضمن ميزانية تطوير الأعمال وأن لاتخصم من راتب الموظف. لقد كنت واهما أبحث عن توفير أعلي مستوي ممكن من الراحة للموظفين حتي يمكنني أن أخذ منهم أعلي مستوي ممكن من الإلتزام والولاء الوظيفي... وهم كبير.



وحتي أستطيع أن أمضي في هذا النموذج التوظيفي والذي هو معمول به في معظم الشركات العالمية والشركات متعددة الجنسيات ، فقد إشترطت علي الموظفين أن يكون العقد التوظيفي لهم محدد بمدة أربع سنوات حتي أستطيع إسترداد المردود الإستثماري فيهم حيث أن الموظف الواحد سوف يكلف الشركة في الشهر مبلغ يزيد عن ألفين وستمائة جنيه عند إضافة البدلات والضرائب والتأمينات وهو مايزيد بنسبة حوالي 75% عن ماطلبه كل واحد منهم.

هل يري أحد منكم أنني أخطأت في طلبي هذا ؟

هل يري أحدكم أنني أستعبد هؤلاء الموظفين ؟

هل يري أي منكم أنني أحاول شرائهم بالمال ؟

عموما ، آيا كان رأيكم ، فإنني فقط كنت أحاول أن أعمل علي تطوير قدرات ومهارات شباب حديث التخرج لايمتلك أي خبرة عملية علي الإطلاق وأن أوفر لهم فرصة عمل قد لاتكون متوفرة للكثير في ظل البيانات الكثيرة التي تخرج علينا كل يوم بتفشي البطالة في المجتمع المصري ومسئولية الحكومة عن توفير فرص عمل وهو ماكنت ولازلت أعتقد أن شرفاء هذا الوطن يقع عليهم جزء من هذا العبأ وأن عليهم أن يعملوا جنبا إلي جنب مع الحكومة ليس فقط لتوفير فرص العمل بل وإلي الإرتفاع بمستوي هؤلاء الشباب وإحساسهم بأدميتهم وكيانهم وفي المقابل يجب علي هؤلاء الشباب أن يلتزموا بعملهم وأن يتعلموا أن العطاء يقابله عطاء وأن الإلتزام يقابله إلتزام وأن توفر الفرصه يلزمه التمسك بها.

هل تعلمون ماهي الردود التي تلقيتها فور عرضي لإفراد الراتب والشرط الذي يجب الإلتزام به من أجل تحقيق هذا العرض ؟

أربع سنين ...!!

هذا كثير جدا .. !!

وماذا لو أتي لإحدنا الفرصة ليسافر إلي إحدي دول الخليج بأضعاف هذا الراتب؟

وماذا لو أضطررت إلي ترك الشركة قبل إنقضاء فترة الأربعة سنين الإلزامية هذه ؟

إنك تشعرنا أننا في فترة التجنيد الإلزامي .. !!

وحاولت أن أفسر لهم أنني من أجل أن أوفر لهم هذا الراتب والبدلات والدورات التدريبية والضرائب والتأمينات فإنني لابد أن أشعر بأن هؤلاء الأشخاص الذين سأستثمر فيهم سيستمرون معي لفترة تغطي هذه الإستثمارات. حاولت أن أفهمهم الفرق بين التكلفة والإستثمار وأن التكلفة تدفع مقابل أداء خدمة ولكن الإستثمار يدفع مقابل خطة مرودها بعيد المدي .. ولكن بطبيعة الحال .. لا حياة فيمن تنادي.

الشخص الموظف : طيب مابدال ماتدفع الضرائب إديهيلنا كاش وموش عايزين لاضرائب ولا تأمينات

أنا : ده نظام البلد وماقدرش أغيره

الشخص الموظف : طيب إدفعلي فلوس التدريب دي وأنا أحضر بيها ماجيستير

أنا : أنا موش عايز منك ماجيستير ، أنا عايز أدربك علي أساسيات شغلنا ولازم أحطلك البرنامج اللي يفيدك ويفيد الشركة

الشخص الموظف : بس أنا ماقدرش أمضي معاك علي أربع سنين

أنا : ليه ؟

الشخص الموظف : كل أصحابنا بعد ماتخرجوا بشوية سافروا علي دبي والسعودية وإنت عارف المرتبات هناك قد إيه؟

أنا : بس إنت علشان تطلع وتشتغل لازم تثبت نفسك الأول في بلدك وتعرف علي الأقل إنت حتشتغل أيه

الشخص الموظف : حاشتغل مهندس والا حضرتك حتشغلني حاجة تانية

أنا : أه .... طبعا ........ مهندس ..... أومال أيه ...... إلا هوه إنتي جاية تشتغلي أيه؟

في الحقيقة أنا لاأستطيع أن ألوم شباب هذا العصر لأنه قد نما وسط قيم إجتماعية مختلفة تماما وثقافة تبث التناقض في روح هذا الشعب. فعندما يتربي شباب هذا العصر علي أن القوة هي السبيل الوحيد لأخذ الحقوق سواء كانت هذه القوة هي قوة الصوت العالي أو قوة المنصب أو قوة المال أو قوة الواسطة أو قوة المستندات أو قوة الإقناع ..... المهم أنه لن يمكن الحصول علي مانعتقد أنه حقنا إلا بوجود نوع ما من القوة ، فماذا ننتظر من هذا الشباب ؟

هل ننتظر أن يستطيع وضع خطة لحياته علي مدار الخمس سنين القادمة؟

هل ننتظر أن يستطيع أن يحدد أولوياته بناء علي تطلعاته لا إحتياجاته؟

إننا نعيش في زمن ميدو ...!!

في بدايات هذا القرن صعد في سماء كرة القدم المصرية نجم صغير في السن قرر أن يخوض بنفسه وبمعرفته تجربة السفر والإحتراف وأن يتحمل من أجل أن يصنع أسما لائقا في تاريخ كرة القدم المصرية .... وهو حلم شريف وياليت كل شاب مصري يكون له حلم مواز يخدم به نفسه ويخدم به وطنه.



في نفس الوقت الذي سطع فيه نجم ميدو في مصر كان هناك تجربة أخري كاميرونية تدعي صامويل إيتو وأخري عاجية تدعي دي روجبا وكل منهم له نفس الحلم وعنده نفس العزم وسلك نفس المسلك من أخذ الإحتراف منهجا وطريقا. وخرج الثلاثة من القارة السمراء إلي القارة العجوز كل في طريقه محاولا أن يجد لنفسه موطأ لقدمه وسط غابة تمتلئ بالكثير والكثير من الأقدام الموهوبة وحيث البقاء هنا للموهوب والقادر والملتزم قبل كل شئ.

فماذا حدث بعد إنقضاء هذه السنين العشرة منذ خروج الثلاثي المرعب وإلي الآن ، كلنا يعرف تماما أن دي روجبا يلعب في نادي تشيلسي الإنجليزي وإيتو كان في النادي الملكي ريال مدريد قبل إنتقاله إلي الإنتر في الدوري الإيطالي وقد قضي كل منهم نفس الفترة التي قضاها ميدو بحيث تنقل بين ثلاثة دول وأربعة نوادي أثنان منهم علي الأقل يقعون ضمن أفضل عشرة نوادي علي مستوي العالم.

أما صديقنا ميدو فقد تنقل بين حوالي سبعة دول وعشرة أندية. أي أن معدل بقاء ميدو في نفس النادي (محل العمل) كان في حدود العام بينما كان معدل زملاء الدرب يزيد عن الثلاث سنوات. ولكن المهم أن ميدو يلعب بالخارج وأصبح له سعر ومعظم النوادي الإنجليزية التي تصارع الهبوط تطلب خدماته حتي يستطيع أن يبقيها في دوري الأضواء.

لقد أصبح ميدو هو النموذج الذي يريده شبابنا ، يريدون السفر وإنتهاز الفرصة والعيش بحرية بحيث يتمكنون من الإنتقال من هذه الشجرة إلي تلك بدون أي رقابة أو إشتراطات . يريدون أن يجمعوا المال بأي طريقة ولامانع من العمل هنا لمدة عدة أشهر حتي تأتي فرصة أفضل توفر دخل أعلي فننتقل من هنا إلي هناك طالما الدخل سيزيد فلاشئ يهم وأن الخبرة يكتسبها الإنسان تقاس بالوقت وليس بالإنجازات.

نعم لقد أصبحنا في زمن ميدو ؟ وأنا لاألوم أحد إلا أنفسنا لإننا إنقسمنا علي أنفسنا وأصبح هناك الجمع الكثير الذي يهلل للإنجازات الزائفة ويشيد بهدف تم إحرازه أو بخطوة تم تحقيقها حتي وإن كانت في الطريق الخطأ. وليس أدل علي ذلك إلا ماحدث عندما قام حارس مرمي مصر الأول عصام الحضري بترك شركته التي هو متعاقد معها (النادي الأهلي) والذهاب للعمل بالخارج بدون إنذار فسخ تعاقد أو مهلة رحيل. وقد إنقسم المجتمع المصري في وقتها علي نفسه بين مؤيد لحق الرجل في أن يحقق حلم حياته بالسفر والعمل بالخارج وبين معترض علي هذا الأسلوب الذي لاينم عن أي ولاء أو إحترام للكيان الذي عمل علي صنع إسم الحضري ووضعه في مصاف أعظم حراس مرمي في القارة السمراء.

ولكنني هنا لاأنظر لموضوع بشكل رياضي بقدر ماأراه بشكل وظيفي، فالموظف في الزمن الأصيل يلتزم بعمله الذي وفره له صاحب العمل وصبر عليه في سنوات تعلمه حتي أصبح متمرسا في عمله ويتهافت عليه الشركات المنافسه نظرا لأنه إستطاع أن يثبت نفسه في عمله الحالي والذي – مرة أخري – وفره له صاحب العمل وصبر عليه وهو لايزال يتعلم ويخطأ ويفسد بعض الأمور ولكن صاحب العمل يتحمل هذا وهو يصدق أن هذا الموظف سيأتي عليه يوم يتمرس في عمله ويستطيع أن يجني من وراءه العائد علي الإستثمارات التي ضخها فيه.

إنني أصدق بل وأعتقد يقينا أن للنجاح مسار ثابت يمر به معظم الناجحين ،هذا المسار يبدأ من التوفيق في وضع الخطط والإستعانة بذوي الخبرة ثم الإلتزام بهذه الخطة مع عدم الإنسياق وراء العوائد المغرية البراقة التي تستلزم منا التخلي عن قيمنا وأخلاقياتنا وخططنا لإن للنجاح ثمن ولازلت أيضا أعتقد أن أكبر ثمن للنجاح هو قدرتنا علي الوقوف أمام رغباتنا وشهواتناومتطلباتنا وأن نستطيع أن نقول لأنفسنا في وقت ضعفها ...... لأ .. أنا لن أنزلق.

ليست هناك تعليقات: